الفيدرالي في مفترق طرق .. الانقسام حول مسار الفائدة في مواجهة مخاطر التضخم والتوظيف
كشف محضر اجتماع الفيدرالي في أكتوبر، والذي جرى خلاله خفض الفائدة للمرة الثانية في 2025، عن انقسام آراء صناع السياسة النقدية بشأن المسار المستقبلي لأسعار الفائدة، وسط تصاعد مخاطر التوظيف مع استمرار التضخم أعلى المستوى المستهدف.
هيكل التصويت
لم يكن قرار الخفض 25 نقطة أساس بالإجماع، حيث انتهى التصويت بنتيجة 10 أصوات مؤيدة مقابل صوتين معارضين، حيث طالب العضو “ستيفن ميران” بخفض أكبر بمقدار 50 نقطة أساس، بينما فضل “جيفري شميد” الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير، مما يكشف عن انقسام واضح داخل اللجنة.
التوجهات والآراء
كشفت المداولات عن انقسامات حادة، غالبية الأعضاء دعموا الخفض كخطوة استباقية لإدارة المخاطر المتزايدة على سوق العمل، وفي المقابل، أبدى المعسكر المتشدد قلقاً من أن التضخم لم يُهزم بعد وأن أي تيسير قد يرسخ التوقعات التضخمية، بينما رأى عضو واحد أن خفضاً أكبر كان ضرورياً. المحور الأساسي للنقاش كان التحول في ميزان تقييم المخاطر.
1. سوق العمل والتضخم
برزت خلال الاجتماع مفارقة اقتصادية كبرى: نمو اقتصادي قوي مع ضعف وتيرة التوظيف. يرى الفيدرالي أن نشاط سوق العمل “يهدأ تدريجياً” لكنه لم يتدهور بشكل حاد، وفيما يخص التضخم، فقد ارتفع مجدداً ويظل “مرتفعاً إلى حد ما”، مع مخاوف من أن بقاؤه فوق مستهدف 2% لفترة مطولة قد يزعزع استقرار التوقعات المستقبلية.
2. المخاطر الكلية
تتجاوز المخاطر سوق العمل، حيث سلّط الأعضاء الضوء على تقييمات الأصول “المبالغ فيها”، خاصة أسهم شركات التكنولوجيا المدفوعة بثورة الذكاء الاصطناعي، مما يفتح الباب أمام “انخفاض غير منظم” في الأسعار.
كما برزت مخاوف جدية حول قطاع الائتمان الخاص غير المصرفي بعد إفلاس عدد من الشركات مؤخراً، مع تساؤلات حول جودة القروض ومخاطر انتقال العدوى. وعلى الصعيد العالمي، لا تزال التوترات التجارية والتعريفات الجمركية تشكل تهديداً لسلاسل الإمداد.
3. إدارة السيولة
اتخذ الفيدرالي خطوة حاسمة بإنهاء برنامج تقليص الميزانية بحلول الأول من ديسمبر. جاء هذا القرار استجابة لـ “تشديد ملحوظ” في أسواق التمويل قصير الأجل، مما يشير إلى أن احتياطيات البنوك تقترب من مستويات حرجة قد تسبب تقلبات غير مرغوب فيها. هذه الخطوة، التي تهدف لضمان استقرار الأسواق، تمثل تيسيراً إضافياً للسياسة النقدية يواكب خفض الفائدة.
4. ماذا بعد؟
المستقبل غير مؤكد. أظهر المحضر “آراء شديدة التباين” حول اجتماع ديسمبر المقبل. هناك ثلاث وجهات نظر رئيسية: فريق يرى أن المزيد من التخفيضات قد يكون مناسباً، وفريق يعتقد أن خفضاً آخر في ديسمبر أمر محتمل، وفريق كبير يفضل التوقف المؤقت حتى نهاية العام. الرسالة واضحة: السياسة النقدية ليست على مسار محدد مسبقاً، والقرار القادم يعتمد كلياً على البيانات الاقتصادية الجديدة.
فصل جديد
بدأ الفيدرالي فصلاً جديداً في إدارة السياسة النقدية، حيث انتقل تركيزه من محاربة التضخم فقط إلى إدارة المخاطر على جبهتي الأسعار والتوظيف. قرار خفض الفائدة ووقف تقليص الميزانية هو إشارة تيسير واضحة. لكن على المستثمرين توخي الحذر؛ فالانقسام الداخلي العميق يعني أن مسار التخفيضات المستقبلية ليس مضموناً. الفيدرالي الآن في وضع موازنة دقيق، مما يزيد من حالة عدم اليقين في الأسواق.
للمزيد من المقالات
اضغط هنا

التعليقات