لا حديث يعلو أرتفاع الذهب بين المستثمرين بعد أن شهد سوق الذهب موجة ارتفاع غير مسبوقة، وتسجيل المعدن النفيس مستويات تاريخية جديدة متجاوزاً كل التوقعات لكن وفقاً للخبراء فإن صعود الذهب ليس وليد الصدفة، بل انعكاساً لحالة “عدم اليقين” التي تضرب الاقتصاد العالمي منذ أشهر، وسط اضطرابات سياسية واقتصادية متلاحقة في كل من الولايات المتحدة وأوروبا، وتزايد مخاوف المستثمرين من التضخم وتراجع جاذبية الأصول التقليدية.
في هذا التقرير نوضح هل من بدائل استثمارية للذهب؟
بيئة عالمية غير مستقرة تدعم الذهب
قال نور الدين محمد، رئيس شركة تارجت للاستثمار، في تصريحات لقناة “العربية”، إن الارتفاع القياسي في أسعار الذهب يعود بالأساس إلى بيئة عدم التأكد وعدم اليقين التي يعيشها الاقتصاد العالمي منذ أواخر العام الماضي.
وأوضح نور الدين أن المشهد الاقتصادي العالمي بات يعاني من قرارات متقلبة تؤثر على حركة التجارة الدولية، ما يدفع الحكومات والبنوك المركزية إلى زيادة مشترياتها من الذهب لتحصين عملاتها الوطنية.
وأضاف أن هناك عوامل أخرى ساهمت في هذا الصعود التاريخي، منها تفاقم العجز في ميزان المدفوعات الأمريكي وتراجع جاذبية السندات الأمريكية وقيام العديد من الدول بالتقليل من احتياطياتها من هذه السندات مقابل زيادة الذهب في مخزونها الرسمي.
وأشار إلى أن الظروف الاقتصادية السيئة في أوروبا، خاصة في فرنسا وألمانيا، فاقمت من حالة الغموض العالمي، موضحاً أن فرنسا على سبيل المثال شهدت اضطرابات سياسية واسعة، ما زاد من ضعف الثقة في الأصول الأوروبية.

الجمارك الأمريكية وتداعيات التضخم
وتطرق رئيس شركة تارجت للاستثمار إلى قرار الولايات المتحدة بفرض رسوم جمركية مرتفعة تصل إلى 100%، مشيراً إلى أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى موجة تضخمية كبيرة داخل الاقتصاد الأمريكي.
وأوضح أن خفض أسعار الفائدة المحتمل في أمريكا قد ينعكس على قوة الدولار، قائلاً:”تخفيض أسعار الفائدة يمكن أن يكون في مصلحة الدولار مؤقتاً، لكنه في المقابل قد يدفع أسعار الذهب إلى مستويات أعلى بكثير من الأسعار الحالية.”
غياب البدائل الاستثمارية
كما قال أن البحث عن بدائل استثمارية للذهب أصبح شبه مستحيل في الوقت الراهن، مضيفاً:”اليوم البدائل الاستثمارية شبه منعدمة.. الأسواق في أوروبا تعاني، وأمريكا تواجه مشكلات ضخمة، والفرنك السويسري والين الياباني لم يعودا ملاذين آمنين كما في السابق.”
وأكد أن الذهب أصبح الملاذ الوحيد والمستقر وسط حالة التذبذب العالمية، مشيراً إلى أنه “حتى مع التراجع الطفيف الأخير، سرعان ما عاود الذهب الصعود مجدداً إلى مستويات فوق 4000 دولار للأوقية”.
الذهب.. الأصل الوحيد المستقر
واختتم نور الدين محمد تصريحاته بالتأكيد على أن الذهب هو الأصل الوحيد الذي يتمتع بالاستقرار النسبي وسط اضطرابات الأسواق، قائلاً:”كلما ارتفعت المخاوف في الأسواق، زاد الإقبال على الذهب وربما نشهد ارتفاعات تتجاوز 100% أو حتى 150% في حال تفاقمت حالة الذعر الاقتصادي العالمي”
وأوضح أن ما يدفع الأسعار بقوة أيضاً هو ظاهرة الخوف من تفويت الفرصة (FOMO)، والتي تدفع المستثمرين إلى الشراء الجماعي في فترات الارتفاع، مما يرفع الأسعار أكثر.
التعليقات