تتجه أنظار المستثمرين في مختلف أرجاء العالم، نحو السوق المصرية باعتبارها إحدى الوجهات الواعدة في صناعة الهواتف المحمولة، خاصة في الفئة الاقتصادية التي يقل سعرها عن 150 دولارا.
هذا ما أكدته مؤسسة فيتش سوليوشنز في تقريرها الأخير، مشيرة إلى أن تراجع قيمة الجنيه المصري خلال العامين الماضيين لم يعد يمثل عبئا اقتصاديا فحسب، بل تحول إلى ميزة تنافسية جذبت اهتمام الشركات العالمية للتوسع في التصنيع والتجميع داخل مصر، مع وضع خطط للتصدير إلى أسواق الإقليم.
صناعة الهواتف المحمولة في مصر
التقرير أوضح أن انخفاض قيمة العملة المحلية قلب معادلة التكلفة، حيث أصبحت كلفة الاستيراد أعلى بكثير من كلفة التصنيع المحلي، وهذا التحول دفع إلى ضخ استثمارات بلغت نحو 87 مليون دولار خلال الفترة الماضية، بهدف تعزيز القدرات الإنتاجية لتصل إلى 11 مليون هاتف سنويا، في خطوة تؤسس لمرحلة جديدة من الاعتماد على التصنيع المحلي بدلا من الاستيراد.
ورغم هذه الطفرة في الطاقة الإنتاجية، ما زال استغلالها محدودا، إذ تستفيد مصر حاليا من 28% فقط من قدراتها، في حين ترجح “فيتش سوليوشنز” أن ترتفع نسبة الاستغلال إلى 80% بحلول عام 2031.

هذه القفزة المتوقعة في إنتاج الهواتف المحمولة داخل مصر تعكس ليس فقط نمو الطلب المحلي، وإنما أيضا فرص التوسع في التصدير نحو أسواق إقليمية تبحث عن أجهزة منخفضة التكلفة وموثوقة الجودة.
2.5 مليار دولار قيمة مبيعات الهواتف المحمولة في مصر
الأرقام التي قدمها التقرير تكشف عن حجم السوق المصرية المتنامي، فقد بلغت مبيعات الهواتف المحمولة نحو 2.5 مليار دولار خلال العام الجاري، مع توقعات بمضاعفتها لتصل إلى 4.8 مليار دولار في عام 2031.
وهذه المؤشرات تضع مصر في موقع متقدم بين الأسواق الناشئة، حيث يمتزج الطلب الاستهلاكي الكبير بفرص إنتاج محلي قادر على المنافسة العالمية في ظل وجود العديد من المزايا التنافسية لإنتاج الهواتف داخل مصر.

من سوق مستهلكة إلى مركز إقليمي للتصدير
لا يقتصر الأثر الاستراتيجي لهذه التطورات على تلبية احتياجات المستهلك المصري فقط، بل يمتد ليجعل من مصر قاعدة إقليمية للتصنيع والتصدير في مجال الهواتف المحمولة، فمع تزايد الطلب في إفريقيا والشرق الأوسط على الهواتف الاقتصادية، حيث تمتلك مصر فرصة لبناء سلسلة قيمة مضافة متكاملة، تبدأ من التجميع وتنتهي بالتصنيع الكامل مستقبلا.
ويؤكد خبراء الاقتصاد أن المرحلة المقبلة قد تشهد انتقال مصر من موقع المستورد الأكبر للهواتف إلى موقع المنتج والمصدر، بما يعزز مكانتها على خريطة الصناعات التكنولوجية، غير أن تحقيق هذه الرؤية يتطلب استثمارا موازيا في البنية التكنولوجية، وتطوير الكفاءات البشرية، وتعزيز بيئة الأعمال، حتى تتحول الفرصة الذهبية إلى واقع مستدام يضع مصر في صدارة الأسواق الإقليمية.
التعليقات