التخطي إلى المحتوى

في ظل التحديات الاقتصادية العالمية، يبرز قطاع السياحة في مصر كمحرك رئيسي للنمو، حيث يشهد تدفقاً هائلاً للعملة الأجنبية يقدر بمليارات الدولارات، ووفقاً لتقارير البنك المركزي المصري، بلغت إيرادات السياحة 12.5 مليار دولار خلال الأشهر التسعة الأولى من العام المالي 2024/2025، بزيادة 14.7% عن الفترة المماثلة في العام السابق، مما يعكس تعافياً قوياً مدعوماً باستراتيجيات حكومية مبتكرة.

ومع توقعات بوصول الإيرادات إلى 16-17 مليار دولار بنهاية 2025، يعد هذا “التسونامي الدولاري” خطوة حاسمة نحو تقليل الضغط على الاقتصاد المصري وتعزيز الاحتياطي النقدي.

وفي هذا التقرير، من بانكير، نستعرض خطة الدولة المصرية لتطوير السياحة المصرية.

خطة ثورية لإعادة رسم السياحة في مصر

وأعلن رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، في اجتماع اللجنة الوزارية للسياحة يوم 8 سبتمبر 2025، عن خطة ثورية تهدف إلى إعادة رسم خريطة السياحة المصرية من خلال حصر كامل لجميع الأراضي الصالحة لإقامة فنادق على ضفاف النيل.

ووفقاً لتصريحاته، تم الانتهاء من إعداد هذا الحصر الشامل، الذي يغطي أراضياً استراتيجية في القاهرة، الأقصر، أسوان، وغيرها، وجارٍ طرحها فوراً أمام المستثمرين المحليين والعالميين لزيادة الطاقة الفندقية بنسبة تصل إلى 50% بحلول 2030.

وتهدف هذه الخطة إلى استيعاب الزيادة المتوقعة في أعداد السياح، حيث يستهدف البرنامج الوطني للسياحة جذب 30 مليون سائح سنوياً بحلول 2030، مع التركيز على الاستدامة البيئية والحفاظ على التراث النيلي. 
ومن الأمثلة على التطبيق، مشروع “حدائق تلال الفسطاط” في القاهرة، الذي يدمج غرفاً فندقية داخل أكبر حديقة حضرية، قريبة من المزارات الأثرية مثل مسجد عمرو بن العاص.

كما وقعت الوزارة بروتوكولاً مع وزارة العمل في 10 سبتمبر 2025 لتسهيل الترخيص للوحدات الفندقية الجديدة، مما يعزز الشراكات مع شركات عالمية مثل NG Hotels Group التركية، وهذه الخطوة ليست مجرد توسعة، بل تحول جذري يحول النيل إلى شريان سياحي نابض، يجذب استثمارات تصل إلى مليارات الدولارات ويخلق آلاف الوظائف، مساهماً في تنويع الاقتصاد بعيداً عن الاعتماد على قناة السويس.

السياحة في مصر

زيادة أسطول الطيران بنسبة 30%

وفي إطار الخطة الشاملة، أكد مدبولي على خطة لزيادة حجم أسطول الطيران المدني بنسبة 30% خلال الفترة المقبلة، لتسهيل وصول ملايين السياح من أسواق جديدة مثل الصين والهند وأمريكا اللاتينية.

ويشمل ذلك إضافة 28 طائرة جديدة إلى أسطول مصر للطيران اعتباراً من ديسمبر 2025، بالإضافة إلى توسيع الشراكات مع شركات طيران خاصة لزيادة الرحلات الشارتر من روسيا وأوروبا.

وحققت مصر في النصف الأول من 2025 استقبال 8.7 مليون سائح، بزيادة 24% عن 2024، مما أدى إلى إيرادات 8 مليارات دولار، أي 8.5% من الناتج المحلي الإجمالي.

ومع تحسن الأوضاع الأمنية، يتوقع أن يصل العدد إلى 18 مليون سائح بنهاية العام، مدعوماً بتوسعة المطارات وإسناد إدارتها لشركات عالمية، وهذا التوسع يخفف الضغط الاقتصادي من خلال زيادة التدفق النقدي، حيث ساهمت السياحة في توفير 2.7 مليون وظيفة، مع توقعات برفعها إلى 2.9 مليون في 2025.

خريطة كاملة للفعاليات الثقافية والفنية

كما وجه رئيس الوزراء بإطلاق خريطة شاملة للفعاليات الثقافية على مدار العام، لتحويل كل زيارة إلى فرصة اقتصادية، حيث أعلن وزير الثقافة أحمد فؤاد هنو عن برنامج يشمل عروضاً موسيقية، مسرحية، ومهرجانات سينمائية، بالتعاون مع وزارة السياحة.

وهذه الخريطة المدعومة بفعاليات قوية، تغطي القاهرة، الإسكندرية، والأقصر، تعزز الإنفاق السياحي بنسبة 20%، خاصة في السياحة الثقافية، وتجذب عملة أجنبية من خلال مهرجانات دولية مثل تلك في المتحف المصري الكبير.

السياحة في مصر

تطوير الطرق والمناطق السياحية

ولجعل تجربة السفر داخل مصر أكثر سهولة، تركز الحكومة على تطوير الطرق والمناطق السياحية، وفي خطة 2024/2025، استكملت 3 مشروعات طرق بطول 1471 كم، مثل تطوير الطريق الدائري حول القاهرة (110 كم) وطريق القاهرة-أسيوط (1126 كم)، مع نهو 4 مشروعات أخرى بـ525 كم.

كمت تركز الجهود على خفض حوادث الطرق في محافظات مثل الدقهلية والشرقية، وتحسين الاتصالية في سيناء والوادي الجديد.

وفي المناطق السياحية، يتقدم مشروع “التجلي الأعظم” في سانت كاترين للسياحة الدينية، و”الدلتا الجديدة” للسياحة البيئية، بالإضافة إلى افتتاح المرحلة الأولى من القطار الكهربائي الخفيف (LRT) في 2025، الذي يربط القاهرة بالعاصمة الإدارية.

وهذه التطويرات، التي رفعت ترتيب مصر إلى 18 عالمياً في جودة الطرق، تسهل التنقل بين المقاصد مثل الغردقة والأقصر، مما يزيد من الإقامة السياحية ويضخ دولارات إضافية في الاقتصاد المحلي.

تأثير السياحة على الاقتصاد المصري

ويعد قطاع السياحة الركيزة الأسرع نمواً في مصر، حيث سجل 15.7 مليون سائح في 2024 بإيرادات 15.3 مليار دولار، ويتوقع “فيتش سوليوشنز” 16.8 مليون في 2025 بـ17.4 مليار دولار، وهذا التدفق يخفف الضغط على العملة، يدعم التوظيف، ويعزز التنمية المستدامة وفق رؤية 2030.

ومع افتتاح المتحف المصري الكبير في نوفمبر 2025، الذي يتوقع جذب 5-7 ملايين زائر سنوياً، يصبح القطاع مصدراً لـ30 مليار دولار بحلول 2028، في حين تمثل هذه الخطط نقلة نوعية تحول مصر إلى وجهة عالمية، حيث يتدفق “التسونامي الدولاري” ليبني اقتصاداً أقوى وأكثر استدامة.


التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *