
كشفت تقارير إعلامية أن شركة «أوبن إيه آي» الأمريكية، المطوّرة لنموذج الذكاء الاصطناعي الشهير «شات جي بي تي»، أعلنت حالة طوارئ داخلية بهدف تعزيز أداء منصاتها الذكية، في خطوة تعكس حجم المنافسة والضغوط التي تواجهها الشركة في سوق الذكاء الاصطناعي التوليدي سريع النمو.
وذكر موقع «ذا إنفورمايشن» أن سام ألتمان، الرئيس التنفيذي للشركة، وجّه مذكرة داخلية إلى الموظفين شدد فيها على ضرورة تركيز جميع الجهود على تحسين قدرات «شات جي بي تي»، واعتبار ذلك أولوية قصوى خلال الفترة المقبلة، وهو ما دفع الإدارة إلى إعادة تقييم خارطة المشروعات وتأجيل مبادرات أخرى كانت في طريقها للإطلاق.
وبحسب التقرير، يأتي هذا التحرك في وقت تسعى فيه «أوبن إيه آي» للحفاظ على موقعها الريادي في ظل اشتداد المنافسة مع شركات التقنية الكبرى التي دخلت الميدان بقوة، مثل «غوغل» و«ميتا» و«أمازون»، إلى جانب الشركات الناشئة التي تسابق الزمن لتقديم نماذج أكثر كفاءة وأقل تكلفة.
كما أشار التقرير إلى أن الشركة تختبر بالفعل إدراج الإعلانات داخل بعض خدماتها، رغم عدم الإعلان رسمياً عن أي سياسة جديدة في هذا الإطار. وتشمل الاختبارات الأولى إعلانات موجهة في مجالات مثل التسوق الإلكتروني، وذلك ضمن دائرة تجريبية محدودة للغاية. وتأتي هذه الخطوة المحتملة في سياق سعي الشركة إلى تنويع مصادر الإيرادات والتخفيف من العبء المالي الناتج عن تكاليف تشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي الضخمة والبنية التحتية التقنية الداعمة لها.
ويرى محللون أن دخول «أوبن إيه آي» عالم الإعلانات قد يثير نقاشات واسعة حول خصوصية البيانات وآليات استغلال المعلومات داخل أنظمة الذكاء الاصطناعي، خصوصاً أن «شات جي بي تي» يعتمد على سياقات المستخدم والتفاعل المباشر معه، ما يجعل تحديد حدود استخدام البيانات مسألة بالغة الحساسية.
وتأتي حالة الطوارئ في أعقاب تقارير من بعض المستخدمين عن انخفاض طفيف في أداء «شات جي بي تي» في فترات معينة، سواء فيما يخص دقة الإجابات أو سرعة معالجة الطلبات، وهو ما يرجعه خبراء إلى الضغط الهائل على خوادم الشركة مع توسّع قاعدة المستخدمين عالمياً بشكل قياسي.
ويشير مراقبون إلى أن قرار الإدارة بالتركيز على تحسين الأداء يتماشى مع الأولوية الاستراتيجية للشركة، والتي تهدف إلى تعظيم كفاءة النموذج وقدراته في التفاعل متعدد الوسائط، خاصة بعد إطلاق تحديثات دمجت الصوت والنص والصورة في واجهة واحدة أكثر سلاسة.
كما تواصل «أوبن إيه آي» العمل على ابتكار نماذج أكثر تقدماً، وسط توقعات بإطلاق جيل جديد من أنظمة الذكاء الاصطناعي خلال العام المقبل، بقدرات تضاهي أو تتجاوز معايير النماذج الرائدة في السوق.
ورغم الزخم المتواصل حول منتجات الشركة، لا تزال «أوبن إيه آي» تواجه تحديات تتعلق بتأمين التمويل اللازم للعمليات التوسعية العالمية. وكانت تقارير قد أشارت إلى محادثات بين الشركة وعدد من البنوك لتوفير تمويل ضخم قد يصل إلى 38 مليار دولار لدعم التوسّع في مراكز البيانات المتقدمة.
وفي ظل التحولات المتسارعة، يبدو أن الشركة تسعى إلى ترسيخ موقعها كقوة تقنية عالمية عبر موازنة الابتكار والاستدامة التشغيلية، مع التأكيد على أن مستقبل الذكاء الاصطناعي بات ركيزة أساسية في الاقتصاد الرقمي الجديد، وأن أي تباطؤ في تطوير الأداء قد يمنح المنافسين فرصة للسبق.

التعليقات