التخطي إلى المحتوى

أكدت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، أن الاقتصاد المصري يواصل تحقيق مؤشرات إيجابية تعكس أثر الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية الرامية إلى دعم الاقتصاد الحقيقي، وتشجيع مشاركة القطاع الخاص، وتعزيز توجه الدولة نحو القطاعات القابلة للتبادل التجاري ذات الإنتاجية المرتفعة.

وجاء ذلك خلال مشاركتها في المؤتمر الصحفي للدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء عقب الاجتماع الأسبوعي للحكومة لاستعراض مؤشرات الناتج المحلي الإجمالي للربع الأول من العام المالي 2025-2026.

وأعلنت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، ارتفاع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي لمصر خلال الربع الأول من العام المالي 2025/2026 ليصل إلى 5.3%، مقارنة بمعدل النمو المحقق خلال الربع الأول من العام المالي 2024/2025 والبالغ 3.5%، موضحة  أن هذا النمو المتسارع يعود إلى استمرار تنفيذ برامج الإصلاح الاقتصادي والهيكلي التي تدعم تحول الاقتصاد نحو القطاعات الإنتاجية ذات القيمة المضافة الأعلى، وفي مقدمتها الصناعة والسياحة والاتصالات.

وأضافت أن الاقتصاد المصري أثبت مرونة كبيرة أمام الصدمات والمؤشرات تتحسن بشكل مستمر، وأن معدل نمو الربع الأول للعام المالي ٢٠٢٥/٢٠٢٦ هو الأعلى في 3 سنوات.

وتوقعت عودة قطاع البترول والثروة المعدنية للنمو قبل نهاية العام، كما أن السياحة تواصل تحقيق معدلات قياسية في عدد الليالي السياحية، ولأول مرة تحليل النمو يتضمن الإصلاحات الهيكلية المنفذة لدفع النشاط الاقتصادي

وأشارت الوزيرة إلى أن معدل النمو المحقق خلال الربع الأول تجاوز التوقعات الأولية، موضحة أن الأداء القوي للصناعات التحويلية غير البترولية وقطاعات السياحة والاتصالات يعكس نموذجًا اقتصاديًا يرتكز على القطاعات القابلة للتبادل التجاري الأعلى إنتاجية، والأكثر قدرة على النفاذ للأسواق التصديرية، مستندًا إلى بنية تحتية متطورة تُعد قاعدة داعمة للتصنيع والاستثمار، وفق ما تم عرضه تفصيلاً في «السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية: السياسات الداعمة للنمو والتشغيل».

كما أكدت أن المؤشرات الاقتصادية الأولية تعزز توقعات تحقيق معدل نمو لا يقل عن 5% خلال العام المالي 2025/2026، مع وجود فرص واعدة لتحقيق مستويات أعلى، مدفوعة باستقرار الاقتصاد الكلي واستمرار تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والهيكلية.

وأضافت «المشاط»، أن النمو خلال الربع الأول ظهر بشكل واضح في أداء الصناعة التحويلية غير البترولية، التي حققت معدل نمو بلغ 14.5% مقارنة بـ 7.1% خلال الفترة نفسها من العام السابق، موضحة أن هذا الأداء يأتي متزامنًا مع جهود الدولة لتوطين عدد من الصناعات، لاسيما الصناعات عالية التكنولوجيا، إلى جانب التوسع في الصناعات القائمة، حيث تشير التقديرات الأولية إلى ارتفاع حجم إنتاج الهواتف المحمولة في مصر ليصل إلى أكثر من 10 ملايين جهاز خلال عام 2025 مقارنة بنحو 3.3 مليون جهاز في العام الماضي.

وأشارت الوزيرة إلى أن حجم الإنتاج الصناعي، ممثلاً في الرقم القياسي للصناعة غير البترولية، شهد نموًا ملحوظًا مدفوعًا بأداء عدد من الصناعات الرئيسية، حيث سجلت صناعة المركبات ذات المحركات نموًا بنحو 50%، وصناعة المواد والمنتجات الكيماوية قرابة 44%، وصناعة المشروبات نحو 37%، وصناعة الأثاث حوالي 34%، وصناعة المستحضرات الصيدلانية والكيميائية والدوائية نحو 19%، وصناعة الملابس الجاهزة نحو 17%.

وأوضحت المشاط أن النمو المتزايد للصناعة غير البترولية في الربع الأول جاء مدعومًا بارتفاع الصادرات نصف المصنعة بنسبة 34.1% خلال أغسطس 2025، والصادرات تامة الصنع بنسبة 2.4%، إلى جانب زيادة صادرات الملابس الجاهزة بنسبة 20.6%. وأكدت أن هذه المؤشرات تعكس قدرة القطاع الصناعي على تحويل التوسع الإنتاجي إلى صادرات مباشرة، مستفيدًا من مرونة سلاسل الإمداد المحلية واستقرار الطلب في أسواق الخليج وأوروبا.

كما أعلنت الوزيرة تعافي نشاط قناة السويس مسجلًا أول معدل نمو موجب منذ الربع الثاني من العام المالي 2023/2024 بلغ 8.6%، بالتزامن مع العودة التدريجية للاستقرار في منطقة البحر الأحمر، مما ساهم في استعادة ثقة شركات الشحن العالمية واعتمادها مجددًا على القناة كمسار رئيسي، موضحة أن القناة كانت قد سجّلت معدلات نمو سالبة لمدة تقارب العام والنصف نتيجة للتوترات الجيوسياسية المؤثرة على حركة الملاحة الدولية.

وفيما يتعلق بقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، أكدت المشاط أن القطاع واصل أداءه القوي خلال الربع الأول من العام المالي 2025/2026، محققًا معدل نمو بلغ 14.5%، وذلك بفضل استراتيجية الدولة الهادفة إلى تحويله من قطاع خدمي إلى قطاع إنتاجي يعتمد على التكنولوجيا وصناعة التعهيد، إلى جانب دوره المتزايد في تعزيز الصادرات الرقمية.

كما أشارت إلى استمرار عدد من القطاعات الاقتصادية في تسجيل معدلات نمو مرتفعة خلال الربع الأول، حيث سجل نشاط السياحة معدل نمو بلغ 13.8% مدفوعًا بتحسين جودة الخدمات السياحية، وتطوير البنية التحتية، وتكثيف جهود الترويج، ما رفع عدد السائحين إلى نحو 5.1 مليون سائح خلال الربع، مؤكدة أن تطبيقات التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي ساهمت في الارتقاء بالتجربة السياحية، متوقعة زيادة الليالي السياحية خلال الفترات المقبلة، خاصة مع افتتاح المتحف المصري الكبير المتوقع أن يستقطب نحو 5 ملايين زائر سنويًا.

وأوضحت أن هذه الجهود انعكست على الأداء الدولي للقطاع السياحي، حيث احتفظت مصر بصدارتها لقائمة الوجهات السياحية الأفريقية للعام الثالث على التوالي وفق تصنيف Nation Brand Performance لعام 2024/2025 الصادر عن شركة بلوم الاستشارية التابعة للمنتدى الاقتصادي العالمي، كما تقدمت مصر ستة مراكز دولية لتصبح ضمن أفضل 25 دولة عالميًا في الأداء السياحي.

وأضافت المشاط أن قطاعات الوساطة المالية والكهرباء والخدمات الاجتماعية ممثلة في الصحة والتعليم، بالإضافة إلى التشييد والبناء، سجلت معدلات نمو بلغت 10.2%، و5.4%، و4.6%، و3.3% على التوالي، مؤكدة أن هذا التنوع يعكس قوة واتساع قاعدة النمو الاقتصادي.

وفي المقابل، أشارت الوزيرة إلى أن قطاع الاستخراجات شهد تراجعًا بنسبة 5.3% نتيجة انكماش نشاطي البترول والغاز الطبيعي بنحو 6.6% و10.9% على التوالي، إلا أن وتيرة الانكماش شهدت تحسنًا مقارنة بالربع الأول من العام المالي 2024/2025 الذي سجل -8.85%.

وأوضحت، أن هذا التحسن جاء بفضل تحقيق نحو 75 كشفًا جديدًا للبترول والغاز منذ أغسطس، وإضافة 383 بئرًا جديدة على الإنتاج، مما يعزز قدرات الإنتاج بنحو 1.1 مليار قدم مكعب غاز، و200 ألف برميل زيت خام يوميًا، ويوفر نحو 6.7 مليار دولار من فاتورة الاستيراد.

كما أكدت «المشاط»،أن الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة بلغ 2.34 تريليون جنيه خلال الربع الأول مقابل 2.23 تريليون جنيه خلال الربع المناظر من العام السابق، مشيرة إلى أن الاستثمار والمخزون ساهما بنحو 2.45 نقطة مئوية في النمو، بما يعكس بداية تعافٍ في تكوين رأس المال ونشاط الاستثمار. ورغم تسجيل صافي الصادرات مساهمة سالبة بلغت -1.78 نقطة، أوضحت الوزيرة أن هذا يمثل تحسنًا مقارنة بـ -3.25 نقطة خلال الفترة نفسها.

وأضافت الوزيرة أن بيانات الربع الأول تعكس تحولًا في هيكل الاستثمار، حيث سجلت الاستثمارات الخاصة نموًا قويًا بلغ 25.9%، لتستحوذ على 66% من إجمالي الاستثمارات، مقابل 34% للاستثمارات العامة، بما يتسق مع سياسة الدولة في ترشيد الاستثمار العام وتمكين القطاع الخاص لقيادة النمو.


التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *