في ظل تباطؤ التضخم ومكاسب الجنيه المصري أمام الدولار، يدخل سوق العقارات المصري مرحلة جديدة من التحديات والفرص، حيث أصبحت الخصومات غير المسبوقة على الوحدات السكنية والتجارية أداة رئيسية لإنعاش الطلب.
ومع اقتراب اجتماعات البنك المركزي لخفض الفائدة، يتجه السوق نحو مزيج من الضغوط التمويلية والتوقعات الإيجابية للنمو في 2025 و2026.
وفي هذا التقرير، من بانكير، نستعرض الاتجاهات الحالية، لنجيب على تساؤل المستثمرين: هل هذه الخصومات إشارة إلى انهيار أم بوابة للاستثمار الذكي؟.
خصومات عقارية كبيرة في السوق المصري
وشهد سوق العقارات المصري في الأشهر الأخيرة من 2025 سباقًا محمومًا للخصومات، حيث طرحت شركات التطوير وحدات سكنية وتجارية بنسب تصل إلى 55% من سعرها الأصلي عند السداد النقدي الفوري.
وهذه الخطوة تأتي كرد فعل على تباطؤ المبيعات، الذي لم يتمكن من إنعاشه تمديد أجال السداد إلى 15 عامًا في بعض المشروعات.
شرق القاهرة برزت كالمنطقة الأكثر حيوية، مع خصومات تتراوح بين 25% و50%، بينما سجلت غرب القاهرة نسبًا أقل حول 30%.
وتصدرت شركة “مدينة مصر” هذا السباق بإطلاق أعلى خصم نقدي بلغ 55%، مما أثار إعجاب المسوقين العقاريين.
ووفقًا لتقارير حديثة، ساهمت هذه العروض في رفع مستويات الإقبال على المشروعات الجاهزة، خاصة تلك التي وصلت إلى نسب تنفيذ عالية، حيث تقل الخصومات عادةً عن 50% في هذه الحالات لكنها تزداد مع طول فترة التنفيذ.
وفي العاصمة الإدارية الجديدة والتجمع الخامس، وصلت الخصومات إلى 40-45% في المراحل الأولى من المشروعات، وهي عروض مؤقتة تهدف إلى تحفيز الطلب الفوري.
وهذه الاتجاهات تتسق مع بيانات السوق للنصف الأول من 2025، حيث أظهرت زيادة في حجم المعاملات بنسبة 12% مقارنة بالعام السابق، لكن مع تركيز أكبر على الدفعات النقدية لتأمين السيولة.
ومع ذلك، يحذر الخبراء من أن هذه الخصومات قد تكون مؤقتة، مرتبطة باحتياجات الشركات لسداد الالتزامات الجارية.
سوق العقارات المصري بين التحفيز والضغوط
وأكد عبدالله سلام، الرئيس التنفيذي لشركة “مدينة مصر”، أن هذه الخصومات مصممة لتتناسب مع القدرة الشرائية الحالية، معتمدة على مستويات أسعار الفائدة المنخفضة المتوقعة، مضيفًا: “نحن نعمل على خطط سداد مرنة لشرائح متنوعة، مما يعزز جاذبية العقار كاستثمار موثوق”.
وأضاف أن الهدف هو تعزيز التدفقات النقدية لدعم الإنشاءات، مع الحفاظ على الاستقرار المالي طويل الأمد.

من جانب آخر، يرى محمد سمير، الرئيس التنفيذي لشركة “إيليت للاستشارات”، أن هذه الخصومات تعكس أزمة سيولة حقيقية قد تتفاقم في الربعين الأول والثاني من 2026، بسبب نقص التمويل البنكي وارتفاع تكاليف الإنشاءات.
وأضاف”السوق يفتقر إلى منظومة تمويل عقاري قوية، مما يدفع المطورين إلى هذه الإجراءات العاجلة”، مشيرًا إلى أن عامي 2022 و2023 شهدا طفرة في الطروحات، لكن التأخيرات في التسليم قد تؤثر على الثقة.
أما عبدالرحمن أبوزيد، مدير المبيعات في شركة “تسكين” التابعة لـ”ناوي”، فقد لاحظ “حراكًا ملحوظًا” في الأشهر الماضية، خاصة في المشروعات ذات التنفيذ المتقدم.
وأكدت شيماء فتحي من شركة “KPI للتسويق العقاري” أن هذه العروض تستهدف فئات محددة، مثل حاملي العلاوات السنوية، وتكون محدودة المدة لتحقيق تأثير فوري.
تحديات التمويل في سوق العقارات مصر 2025
ورغم الإيجابيات، يواجه القطاع عقبات تمويلية حادة، حيث يعتمد التمويل البنكي على شركات محدودة، مع فترات انتظار طويلة، مما يهدد استدامة المشروعات.
كما أن شح السيولة الناتج عن تباطؤ المبيعات قد يؤخر تسليم الوحدات المقررة في 2026، مما يزيد من معدلات الإرجاع.
وفي سياق أوسع، أشارت تقارير إلى أن التضخم وارتفاع أسعار المواد الإنشائية دفعا التكاليف بنسبة 20% خلال 2025، مما يجبر الشركات على تعويض الخسائر عبر الخصومات.
ومع ذلك، يدعم خفض الفائدة المتوقع من البنك المركزي الانتعاش، حيث يتوقع خبراء زيادة في الإقراض العقاري بنسبة 15% بحلول نهاية العام.
اتجاهات سوق العقارات المصري 2025
وتنبئ الاتجاهات لعام 2025 بنمو مستدام، مدفوعًا بالنمو السكاني والإصلاحات الحكومية، حيث يتوقع الخبراء زيادة في أسعار الوحدات السكنية بنسبة 15-20%، ناتجة عن ارتفاع التكاليف، لكن مع تركيز على المدن الجديدة مثل العاصمة الإدارية والعلمين.
كما يشهد السوق ازدهارًا في العقارات التجارية، مع عوائد إيجارية بلغت 150 مليار دولار في 2025، متوقعة الوصول إلى 201 مليار بحلول 2030.
والمعارض العقارية المقررة في 2025، مثل “Cityscape Egypt”، عرضت فرصًا استثمارية واعدة، مع خصومات إضافية لجذب المستثمرين الأجانب.
ووفقًا لتوقعات 2025/2026، سيزداد الطلب على الوحدات السكنية بنسبة 18%، مدعومًا بمبادرات حكومية لتطوير الإسكان الاقتصادي.
فرص استثمار عقاري في مصر 2025
ورغم الضغوط، يبقى سوق العقارات المصري جذابًا للمستثمرين، خاصة في القطاعات التجارية والإدارية.
والاستقرار الاقتصادي والتوسع في المجتمعات الفاخرة يفتحان أبوابًا لعوائد مرتفعة، مع توقعات بنمو السوق بنسبة 10% سنويًا حتى 2026.
وينصح المستثمرون بالتركيز على المشروعات ذات الخصومات المحدودة المدة لتحقيق صفقات رابحة.
ويتجه سوق العقارات في مصر نحو تعافٍ مدعوم بالإصلاحات، لكنه يحتاج إلى تعزيز التمويل لتجنب المخاطر، ومع خفض الفائدة الوشيك، قد تتحول الخصومات إلى دافع لانتعاش حقيقي، مما يجعل 2025 عامًا حاسمًا للاستثمار الاستراتيجي.

التعليقات