حلف الاقتصاد السعودي الأمريكي – أخبار السعودية
بين الزيارة الحالية لولي العهد إلى واشنطن وآخر زيارة قبل سبعة أعوام؛ شهد العالم تحوّلات اقتصادية كبرى، وأزمات سياسية متصاعدة، وصراعات وحروباً عسكرية مدمرة، ولكن بقيت العلاقات السعودية الأمريكية في حالة استثناء خاصة بعيداً عن تلك المخاطر والتحديات، بل أكثر من ذلك شكّلت نمطاً من الدبلوماسية رفيعة المستوى؛ تجاوز فيها البلدان مصالحهما الثنائية إلى قيادة العالم نحو الاستقرار والتنمية.
الأمريكان وتحديداً الرئيس ترمب يدركون تماماً أن السعودية قبل 2015 تختلف تماماً عن ما بعدها، وهذا الإدراك نابع من قراءة المشهد السياسي والاقتصادي السعودي الذي تغيّر بشكل فارق مع رؤية 2030، حيث بات واضحاً أن المشروع الاقتصادي هو من يحرّك الجانب السياسي، وبالتالي تلاقت المصالح السعودية والأمريكية عند الاقتصاد، وأصبح النظر إلى المستقبل يمثّل الحجر الأساس لتلك المصالح، وهو ما تحقق بتوقيع اتفاقية وثيقة الشراكة الاقتصادية الاستراتيجية بين البلدين في شهر مايو الماضي، وإعلان الرياض عن فرص استثمارية مع واشنطن تصل إلى 600 مليار دولار على مدى السنوات الأربع المقبلة.
الجانب الأمريكي يدرك أيضاً أن السعودية تمثّل اليوم أكبر اقتصاد في المنطقة، وأكبر شريك للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، ومن أسرع الاقتصادات نمواً في مجموعة العشرين، وجميعها مؤشرات يقرؤونها بعمق المصالح الاقتصادية، وليس التطوّرات السياسية المتغيّرة، وهو ما يجعل الرئيس ترمب يرى في السعودية وشخصية الأمير محمد بن سلمان حليفاً استراتيجياً لتحقيق تلك المصالح، وشريكاً يُعتمد عليه في المستقبل.
ولي العهد جعل من اقتصاد المملكة عنواناً ممتداً لالتقاء المصالح مع الأمريكان والعالم، ولغة مشتركة للحوار والتفاهم لتحقيق ما هو أهم للمملكة وشعبها حاضراً ومستقبلاً، وهو ما يدركه الرئيس ترمب حينما وصل إعجابه بالأمير محمد بن سلمان إلى درجة كبيرة جداً وغير مسبوقة من رئيس أمريكي آخر، وهذا الإعجاب نابع من أن الأمير الشاب حينما يتحاور أو يتفاوض يضع رؤيته على الطاولة، ويعرف ماذا يريد، وما هو مناسب للمرحلة، وما هو أبعد للمستقبل، وهذه تفاصيل دقيقة يدركها الكبار حينما يلتقون في مهمة تحقيق الهدف المشترك؛ بلا مزايدات أو مساومات لم يعد لها قيمة في زمن تلك المصالح.
اليوم هناك اتفاقيات وشراكات ثنائية بين الجانبين، وتعاون في مجالات اقتصادية متعددة، وقطاع خاص ومستثمرون بين البلدين؛ يتنافسون على الفرص التي تقوي تلك العلاقة بلغة الأرقام وليس عبارات الدبلوماسية المعتادة فقط؛ فالأرقام وحدها كافية لمعرفة بوصلة المستقبل، ومغرية إلى درجة اليقين من أن السعودية وأمريكا يجمعهما حلف الاقتصاد الذي سيبقى على الدوام مهما كانت تحديات هذا العالم.
للمزيد من المقالات
اضغط هنا

التعليقات