في بطن الحوت الإلكتروني..! – أخبار السعودية
ابتلع الحوت نبي الله يونس ثم ألقاه على الشاطئ بعد أن دعا الله: (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين).
أما نحن فالذي ابتلعنا كمبيوتر سيبراني عملاق، وفي الحالتين لا يهم إن كان الذي ابتلعنا وحش من لحم ودم أم وحش من خوارزميات وأكواد، يربّت علينا ويتحسّسنا عند كل منفذ ووجهة لنثبت أننا بشر ولسنا روبوتاً، نعبر البوابات في المطارات والمؤسسات ليتأكد من بصمات أصابعنا وحدقات عيوننا، نخضع للمسح كي نثبت هويتنا؛ لأن الإنسان لم يعد مخلوقاً بشرياً، بل أصبح سطراً في قاعدة بيانات عالمية ضخمة، جميعنا داخل بطن الآلة ولن يفيدنا الاعتراف بالذنب الذي لم نقترفه.
«عبور الإنسانية» أو «تجاوز الإنسانية» أو «ما فوق الإنسانية» أو «ما بعد الإنسانية» هو تيار فلسفي اجتماعي يهتم بالدراسات المستقبلية وعبور الإنسان وتعديل بنيته وتحسينها وإدخال تجهيزات تكنولوجية لجسده، وهذه أخطر فكرة في العشرين سنة الماضية كما يصفها فرانسيس فوكوياما صاحب كتاب نهاية التاريخ وكتاب الإنسان الأخير.
إن ظننتم أن هذا الحديث من وحي أدب وأفلام الخيال العلمي فعليكم بالاطلاع على وثيقة أصدرتها وزارة الدفاع البريطانية عام 2021، بمشاركة مع عدد من الدول الأوروبية وعلى رأسها ألمانيا، عنوان الوثيقة:
(التعزيز البشري، فجر نموذج إرشادي جديد، مشروع تداعيات بعيدة المدى).
يتحدث هذا المشروع أو الوثيقة عن تحسين جذري للبنية البشرية تساعد على إحكام جانب الأمن والدفاع، أما جملة «المدى البعيد» في عنوان الوثيقة فحدها التعريفي ثلاثون عاماً. وإن كان التركيز طوال عمر البشرية أثناء الحروب على الآلات العسكرية فهدف هذه الوثيقة تطوير جسد الجندي عبر دمجه مع الآلة، لكن المشكلة التي تواجه وزارة الدفاع هنا ليست المعضلة الأخلاقية، بل ندرة الدراسات النفسية والاجتماعية التي تتناول موضوع التعزيز البشري.
للمزيد من المقالات
اضغط هنا

التعليقات