التخطي إلى المحتوى

اتفق الاتحاد المصري لمقاولي التشييد والبناء مع الاتحاد الفلسطيني للمقاولين على تأسيس شراكات استراتيجية بين 50 شركة مصرية وفلسطينية، بهدف المساهمة في تنفيذ خطة إعادة إعمار قطاع غزة، في خطوة تعكس الدور المصري المتصاعد في دعم جهود الإعمار وإعادة التنمية في الأراضي الفلسطينية، بعد الدمار الواسع الذي خلّفته الحرب الأخيرة.

وقال محمد سامي، رئيس الاتحاد المصري لمقاولي التشييد والبناء، في تصريحات خاصة لـ”الشرق”، إن الاتفاق يأتي في إطار تعزيز التعاون العربي المشترك لإعادة بناء قطاع غزة، مشيرًا إلى أن القائمة تشمل شركات حكومية كبرى وعددًا من شركات القطاع الخاص ذات الخبرة الواسعة في تنفيذ مشروعات البنية التحتية الكبرى داخل مصر وخارجها.

وأوضح سامي أن الاتحاد المصري يعمل حاليًا على تأهيل الشركات المصرية فنيًا وإداريًا وفق معايير دولية، لضمان جاهزيتها للمشاركة في المناقصات الخاصة بمشروعات الإعمار، مؤكدًا أن الاتحاد ينفذ برامج تدريبية متقدمة على أنظمة الطرح الدولية (FIDIC)، بما يمكن الشركات من التنافس بشفافية وكفاءة في العطاءات الإقليمية والدولية.

ووفقًا لتقديرات الأمم المتحدة، تبلغ تكلفة إعادة إعمار غزة نحو 70 مليار دولار، منها ما يقارب 20 مليار دولار مخصصة للمرحلة الأولى، التي تركز على تأهيل المساكن والبنية التحتية الأساسية من كهرباء ومياه وصرف صحي وطرق، إضافة إلى المرافق الصحية والتعليمية العاجلة.

وتعتمد خطة الإعمار الفلسطينية على ثلاث مراحل رئيسية؛ تبدأ بـ مرحلة الإنعاش والإغاثة العاجلة بتكلفة تقارب 3.5 مليارات دولار، وتركز على توفير المأوى والغذاء والمياه والكهرباء لمدة ستة أشهر. أما المرحلة الثانية فستتضمن إعادة تأهيل المستشفيات والمدارس والبنى التحتية الحيوية، بينما تشمل المرحلة الثالثة إعادة الإعمار الكامل وبناء المساكن والمنشآت الاقتصادية لاستعادة النشاط التجاري والاجتماعي في القطاع.

وأشار سامي إلى أن شركات المقاولات المصرية تمتلك من الخبرة الفنية والقدرات التنفيذية ما يؤهلها لتنفيذ مشروعات الإعمار بكفاءة عالية، لكنها بحاجة إلى تمويل دولي من مؤسسات مانحة نظرًا لضخامة التكلفة. وأضاف أن التمويل لن يكون من الحكومات المحلية، بل من مؤسسات التمويل الدولية والبنوك التنموية، التي ستكون صاحبة القرار النهائي في اختيار الشركات المنفذة، بناءً على معايير الكفاءة الفنية والالتزام الزمني والقدرة على تنفيذ المشروعات الكبرى في بيئات معقدة.

وأكد سامي أن التجربة المصرية في تنفيذ المشروعات القومية العملاقة خلال العقد الأخير — مثل العاصمة الإدارية الجديدة وشبكات الطرق القومية ومشروعات البنية التحتية الذكية — تمثل نموذجًا ناجحًا يمكن نقله إلى غزة ضمن جهود إعادة الإعمار. كما شدد على أهمية التنسيق المصري – الفلسطيني – العربي لضمان توحيد الجهود وتوجيه الموارد المالية والبشرية بما يحقق أقصى فاعلية في التنفيذ ويعزز فرص التنمية المستدامة في القطاع.

وتعد هذه الخطوة بداية جديدة لمرحلة من التعاون الاقتصادي العربي في مجال إعادة الإعمار، حيث يتوقع أن تسهم الشركات المصرية والفلسطينية في بناء منظومة متكاملة للبنية التحتية والإسكان والخدمات العامة، بما يسهم في إعادة الحياة الاقتصادية والاجتماعية إلى غزة وتعزيز الاستقرار في المنطقة.


التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *