تُعد المشتقات المالية والعقود المستقبلية من أبرز الأدوات الحديثة في الأسواق العالمية، إذ تُمكِّن المستثمرين والمؤسسات من إدارة المخاطر والتحوّط ضد تقلبات الأسعار، فضلًا عن تعزيز كفاءة السوق وتنويع أدوات الاستثمار.
ومع ذلك، فإن تطبيق هذه الآليات في بعض الأسواق الناشئة – مثل السوق المصرية والسعودية في مراحلها الأولى – واجه تأخيرًا لأسباب تتعلق بالبنية التحتية والجاهزية التنظيمية.
ما المقصود بآلية المشتقات المالية؟
عرّف حسام الغايش، خبير أسواق المال، المشتقات المالية (Derivatives) بأنها أدوات مالية تستمد قيمتها من أصلٍ أساسي، مثل الأسهم أو المؤشرات أو السلع أو أسعار الفائدة أو العملات، مشيرا إلى أنه لا يعتمد سعر العقد المشتق على الأصل نفسه بشكل مباشر، وإنما على توقعات تحرك سعره في المستقبل.
وبحسب تصريحات العايش لـ”بانكير”، تشمل المشتقات عدة أنواع رئيسية:
العقود المستقبلية (Futures):
اتفاق بين طرفين على شراء أو بيع أصلٍ معين في تاريخ مستقبلي محدد وبسعر متفق عليه مسبقًا، وتُستخدم عادة للتحوّط ضد المخاطر أو للمضاربة.
العقود الآجلة (Forwards):
تشبه العقود المستقبلية، لكنها تُنفذ خارج البورصة وباتفاق مباشر بين طرفين دون تدخل غرفة مقاصة.
الخيارات (Options):
تمنح الحق (وليس الالتزام) في شراء أو بيع أصل في المستقبل بسعر محدد مسبقًا.
المقايضات (Swaps):
وهي تبادل تدفقات مالية مستقبلية بين طرفين، مثل مقايضة أسعار فائدة ثابتة بأخرى متغيرة.
أهمية المشتقات للأسواق المالية
أكد د. حسام الغايش، أن أهمية المشتقات تكمن في دورها الحيوي داخل المنظومات المالية المتقدمة، حيث تسهم في:
- التحوط من المخاطر: تمكّن الشركات والمستثمرين من تثبيت الأسعار المستقبلية للسلع أو الأصول لتجنب تقلبات السوق.
- زيادة عمق السوق: دخول فئات جديدة من المستثمرين والمضاربين يرفع معدلات السيولة.
- تحسين كفاءة التسعير: إذ تعكس الأسعار المستقبلية توقعات السوق الحقيقية لحركة الأصول.
- تنويع أدوات الاستثمار: ما يجذب المؤسسات الأجنبية وصناديق التحوط ويعزز مكانة السوق ماليًا.

أسباب تأخر طرح المشتثات في بعض البورصات
رغم أهميتها، واجهت آلية المشتقات والعقود المستقبلية تأخيرًا في الطرح بعدد من الأسواق الناشئة، وقد عدد الغايش أبرز هذه الأسباب في النقاط التالية:
أولا: غياب البنية التحتية التقنية والرقابية
ثانيا: ضعف الثقافة الاستثمارية لدى الأفراد
ثالثا: تقلب الأسواق المحلية وضعف السيولة
رابعا: تأخر الإطار التنظيمي والتشريعي
خامسا: الاختبار المرحلي.
الوضع في السوقين السعودي والمصري
في السوق المالية السعودية (تداول)، تم إطلاق العقود المستقبلية على مؤشر “تاسي 30” عام 2020، إلا أن التوسع في المنتجات الأخرى تأخر نظرًا لحاجة السوق إلى تطوير البنية الرقابية وزيادة عدد المشاركين المؤهلين.
أما في البورصة المصرية، ورغم وجود دراسات حول تفعيل المشتقات منذ عام 2018، إلا أن الإطلاق تأجل إلى أجل غير مسمى بسبب عدة عوامل، من بينها:
- نقص البنية التكنولوجية الخاصة بالمقاصة والتسوية.
- الحاجة إلى تطوير نظم التداول والرقابة اللحظية.
- ضعف متوسط السيولة اليومية مقارنة بالأسواق الإقليمية الكبرى.

التعليقات