التخطي إلى المحتوى

مصر عمرها ما استسلمت للجفاف ولا خافت من الصحراء، طول عمرها بتعرف إزاي تحول القحل لزرع، واليأس لأمل .. ومع الجمهورية الجديدة، رجعت الروح تاني للمشروعات اللي بتحلم مش بس بالأكل النهارده، لكن بمستقبل أجيال جاية.

مشروع “الدلتا الجديدة” مش مجرد استصلاح أراضي.. ده إعلان رسمي إن مصر قررت تزرع المستقبل بإيدها، وتحط نفسها على طريق الاكتفاء والازدهار الحقيقي.

في زمن الأزمات الغذائية اللي العالم كله بيعيشها، مصر اختارت الطريق الصعب.. طريق الإنتاج والاكتفاء.

بدل ما تستنى السفن تيجي بالمحاصيل، قررت تزرعها بنفسها، ومن هنا طلع للنور مشروع “الدلتا الجديدة”، المشروع اللي بيتقال عليه أكبر خطة زراعية في تاريخ مصر الحديث، وممكن نقول بكل ثقة إنه حلم بيتحول لحقيقة قدام عينينا.

الموضوع بدأ بفكرة بسيطة لكن جريئة: استصلاح أراضي الصحراء الغربية وتحويلها لمساحات خضراء تنتج أكل المصريين. 

المشروع معمول غرب الدلتا القديمة، في منطقة ضخمة مربوطة بشبكة طرق ومحاور جديدة زي محور الضبعة، علشان يسهل نقل المنتجات الزراعية للموانئ والمدن الصناعية. 

وده يقولك ان الدلتا الجديدة مش بس أرض بتتزرع، دي مدينة زراعية متكاملة بتبدأ فيها كل حاجة من المية وبتوصل لحد التصنيع والتصدير.

وخليني اقولك ان المساحة الإجمالية للمشروع بتوصل لحوالي 2.2 مليون فدان، والمرحلة الحالية بتستهدف استصلاح 800 ألف فدان. يعني مصر هتزود رقعتها الزراعية بنسبة ضخمة، تخلي المساحة المزروعة الكلية في البلد توصل لـ11 مليون فدان.

الإنجاز ده بيتم بخطة دقيقة وبتكنولوجيا حديثة جدًا، أهمها استخدام مياه الصرف الزراعي المعالجة بدل ما تتهدر في البحر.

والمشروع بيعتمد على محطة الحمام العملاقة، أكبر محطة معالجة مياه في العالم، طاقتها اليومية 7.5 مليون متر مكعب.

المية دي بتتسحب من المصارف الزراعية في غرب الدلتا، وبتتعالج معالجة متطورة، وبعدها بتتوزع على الأراضي الجديدة من خلال شبكة جبارة من الأنابيب والترع ومحطات الرفع اللي بتغطي أكتر من 150 كيلومتر. 

ولو شوفت المشهد هناك هتلاقيه خرافي، شاحنات وشركات ومهندسين بيشتغلوا ليل ونهار، في سباق مع الزمن علشان يحولوا الرمل لمصدر حياة.

والنتائج المنتظرة من المشروع كبيرة جدًا. 

أول حاجة، هيزود مساحة الزراعة في مصر بنسبة ممكن توصل لـ20% مقارنة بالوضع الحالي.

تأتي حاجة، هيقلل فاتورة الاستيراد من برة بشكل ملحوظ، خصوصًا في المحاصيل الأساسية زي القمح، والذرة، والخضار، والفواكه. 

تالت حاجة، هيوفر ملايين فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، من العمالة الزراعية لحد النقل والتعبئة والتصنيع الغذائي. 

والمشروع كمان هيساعد في استقرار الأسعار محليًا، وهيخلي مصر تاخد خطوة جديدة ناحية الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي.

لكن الإنجاز ده مش سهل ولا بسيط. التحديات كبيرة جدًا، أهمها إدارة الموارد المائية بشكل ذكي علشان المشروع يفضل مستدام، وكمان الحفاظ على جودة التربة ومنع الملوحة، خصوصًا مع كميات الميه الكبيرة المستخدمة.

وعشان كده الدولة بتتحرك بحذر، وبتحاول توازن بين الطموح والإمكانيات، بس الواضح إن في إرادة حقيقية إن المشروع ده ينجح، وده باين من حجم الإنفاق، وسرعة التنفيذ، وعدد الشركات الوطنية اللي مشاركة فيه.

يعني نقدرنقول ان اللي بيحصل في “الدلتا الجديدة” مش مجرد مشروع استصلاح.. ده إعادة رسم لخريطة الزراعة في مصر كلها. 

لما تشوف الصحراء بتتحول قدامك لمزارع خضراء تمتد ل ملا نهاية تعرف إن البلد دي ماشية في طريقها الصح .. 800 ألف فدان مش مجرد رقم، دي بداية مرحلة جديدة في الأمن الغذائي المصري.


التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *