في لحظة فارقة من تاريخه الممتد لأكثر من قرن، يقف نادي الزمالك على حافة الهاوية، يواجه اختبار البقاء بصمتٍ مثقل بالديون وبأصوات جماهير غاضبة تملأ السوشيال ميديا بنداءات الاستغاثة، لم يعد الحديث عن أزمة مالية عابرة، بل عن انهيار نادي الزمالك، أحد ركائز الرياضة المصرية وواجهة لتاريخها الكروي.
منذ عقود، نادي الزمالك ظل عنوانا للمنافسة وقيم الرياضة الأصيلة، لكن الصورة الآن تبدوا قاتمة، فالنادي الذي الذي يمثل أحد قطبي الكرة المصرية، أصبح ينافس الزمن لتأمين رواتب لاعبيه، وسط عجز مالي خانق يطرق باب الإفلاس الفعلي.
تفاصيل الأزمة المالية في نادي الزمالك
سحب أرض نادي الزمالك من أهم الأمور التي أوجعت جماهير الزمالك أكثر من أي وقت مضى، فسحب قطعة الأرض المخصصة للنادي بمدينة 6 أكتوبر، كانت بمثابة الضربة التي حملت دلالات رمزية تتجاوز البعد المالي، فالأرض التي كان يفترض أن تكون امتدادا لمشروع رياضي عملاق، أصبحت عنوانًا للفقد الكبير.

في غرف ملابس الفريق، المشهد أكثر قسوة، فاللاعبون ينتظرون رواتبهم المتأخرة منذ شهور، بينما تسود حالة من الإحباط والارتباك، لاسيما بعد أن بدأ البعض بالفعل في دراسة فسخ التعاقدات، وآخرون يواصلون التدريب على أمل انفراجة قريبة.
وفي تقارير متخصصة، أكدت مصادر داخل النادي أن أكثر من 25 لاعبا لم يتسلموا مستحقاتهم عن العامين الماضي والحالي، وأن القيمة الإجمالية تتجاوز عشرات الملايين، خاصة أن متوسط عقد اللاعب الواحد لا يقل عن 5 ملايين جنيه سنويًا، ولم يعد القلق مقتصرا على الفريق الأول لكرة القدم، بل امتد إلى العاملين بالنادي وأجهزته الفنية والإدارية، وسط مؤشرات على تجميد بعض الأنشطة الرياضية بسبب عجز الموارد.
هاشتاج #انقذ_الزمالك_يا_ريس على إكس
تحت ضغط الصدمة، خرجت جماهير الزمالك من المدرجات إلى ساحات التواصل الاجتماعي، آلاف الرسائل، وملايين التفاعلات، كلها اجتمعت تحت هاشتاج واحد #انقذ_الزمالك_يا_ريس، وتحولت الحملة إلى عاصفة رقمية تحمل في طياتها نداء استغاثة وطنية، ناديهم من المستقبل المجهول.
فالمشجعون وصفوا ـ في الهاشتاج ـ أن ما يحدث لنادي الزمالك بـ”كارثة تمس أحد رموز الرياضة المصرية”، مؤكدين أن سقوط الزمالك ليس شأنا رياضيا بحتا، بل ضربة للهوية الكروية المصرية نفسها، التي طالما مثلها النادي بألوانه البيضاء رمزا للنقاء والروح القتالية.
تحذيرات من “الإفلاس الكامل” داخل نادي الزمالك
في محاولة أخيرة لتدارك الوضع، عقد مجلس إدارة الزمالك اجتماعا طارئا ناقش خلاله السيناريوهات المحتملة، والتحذيرات كانت واضحة: النادي على وشك الدخول في مرحلة الإفلاس الكامل خلال أسابيع ما لم يتم ضخ سيولة عاجلة.
التقارير المالية كشفت أن الالتزامات تجاوزت حدود التوازن الممكن، وأن الموارد الذاتية لم تعد قادرة على تغطية الرواتب أو المصروفات التشغيلية، بعد تراجع عائدات الرعاية والبث وانحسار الدعم المؤسسي.
حل جزئي: قرض العشرين مليون
في وسط هذا المشهد القاتم، برز بصيص أمل مؤقت حين أعلن هشام نصر، نائب رئيس النادي، تقديم قرض حسن بقيمة 20 مليون جنيه لدعم الخزينة ومساعدة الإدارة على تجاوز الأزمة، لكن سرعان ما تبين أن هذا المبلغ لا يتجاوز كونه “جرعة إسعافية قصيرة الأجل”، إذ إن حجم الالتزامات يفوقه بعشرات المرات.
فالأزمة تتعلق ببنية مالية متهالكة، وليست مجرد نقص مؤقت في السيولة، ومع بقاء ديون اللاعبين القدامى والمدربين السابقين دون تسوية، يزداد العبء ويتسع الفارق بين ما يملكه النادي وما يلتزم به قانونيًا.
ومع انسداد الأفق، بدأت أصوات داخل النادي تطرح مبادرات لجمع تبرعات من الجماهير ومحبي الزمالك داخل مصر وخارجها، على أمل تأمين الحد الأدنى من السيولة لتسيير النشاط الرياضي والحفاظ على الكيان من الانهيار.

تحديات القدرة على البقاء
ما يعيشه الزمالك اليوم لا يختزل في أزمة مالية فحسب، بل هو اختبار لقدرة المؤسسات الرياضية في مصر على إدارة مواردها وحماية رموزها، فالقلعة البيضاء، بتاريخها العريق وجماهيرها العريضة، تواجه معركة وجودية لا تقل ضراوة عن أي مواجهة كروية في ميدان المنافسة، وإذا لم تتحرك الجهود سريعًا، فقد يجد عشاق الأبيض أنفسهم أمام واقع جديد عنوانه: “الزمالك بلا قدرة على البقاء”.
ومما لا شك فيه، أن الأزمة المالية داخل نادي الزمالك، لا يمكن فصلها عن كونها مسؤولية جماعية، فالأزمة تتجاوز الحسابات الفردية لتصبح قضية رأي عام رياضي، فبين صرخات الجماهير وصرامة الأرقام، يبقى الأمل الأخير أن تنتصر الإرادة على العجز، وأن تعود القلعة البيضاء كما عرفها الجميع “كيانا يقاتل ولا يسقط”.
التعليقات