التخطي إلى المحتوى

تتصدر ثروة الذهب في مصر قائمة الملفات الاقتصادية المثيرة للجدل، إذ يطرح كثيرون تساؤلات حول سبب اعتماد الدولة على الشركات الأجنبية للتنقيب عن المعدن النفيس بدلا من تولي هذه المهمة بشكل مباشر، فبينما تشهد أسعار الذهب طفرة قياسية عالميا، تتضاعف التوقعات بشأن قدرة مصر على استغلال ثروتها المعدنية بشكل أكبر.

لكن الواقع يكشف أن صناعة التعدين ليست مجرد قرار سيادي أو رغبة حكومية، بل منظومة معقدة تحكمها حسابات المخاطر والجدوى الاقتصادية والقدرة على ضخ استثمارات ضخمة ممتدة لسنوات طويلة دون عائد فوري.

لماذا لا تنقب مصر عن الذهب؟ 

وتوضح المؤشرات الدولية أن التعدين يظل أحد أكثر القطاعات الاستثمارية مخاطرة على مستوى العالم، حيث إن احتمالية نجاح أي عملية استكشاف وتحولها إلى منجم منتج لا تتجاوز 1%، في حين تصل التكلفة التقديرية لتطوير منجم واحد إلى نصف مليار دولار على الأقل.

ويضاف إلى ذلك أن الفترة الزمنية بين اكتشاف الذهب وبدء إنتاجه تجاريا قد تمتد إلى 11 عاما في المتوسط، ما يجعل الحكومات غير قادرة على تحمل هذه المخاطرة منفردة خشية الضغط على الموازنات العامة وضعف العوائد في الأجل القصير.

لماذا تعتمد مصر على الشركات الأجنبية في التنقيب عن الذهب رغم ارتفاع قيمته؟

تكلفة ضخمة.. مخاطر الاستثمار في التعدين

تشير التجارب العالمية إلى أن الاستثمار في التعدين يتطلب رؤوس أموال ضخمة وخبرات متخصصة تستطيع تحمل نسب الفشل المرتفعة، لذلك يصبح دخول الشركات العالمية ضرورة أكثر من كونه خيارا، نظرا لقدرتها على إدارة المخاطر وتحمل التكلفة المالية والفنية المرتفعة.

وبحسب تقرير نشرته العربية بزنس، يؤكد أحمد خيري، رئيس تنمية الأعمال في شركة إن تو ميتالز التابعة لرجل الأعمال نجيب ساويرس، أن اعتماد مصر على الشركات الأجنبية في عملية التنقيب على الذهب، لا يقلل من قدراتها، بل يعكس طبيعة القطاع نفسه.

 فمصر، بحسب خيري، تمتلك إمكانات جيولوجية تضاهي السودان ودول أخرى غنية بالذهب، إلا أن غياب مسوح جيولوجية شاملة منذ سنوات طويلة يحول دون معرفة دقيقة لحجم الاحتياطيات أو تحديد المناطق الواعدة بشكل علمي.

لماذا تعتمد مصر على الشركات الأجنبية في التنقيب عن الذهب رغم ارتفاع قيمته؟

اكتشاف 640 ألف أوقية من الذهب العام الماضي 

رغم هذه التحديات، حققت مصر خلال العام الماضي إنتاجا بلغ 640 ألف أوقية من الذهب، بزيادة 14% عن العام المالي الأسبق، وهو مؤشر على تطور النشاط التعديني واستفادة البلاد من الشراكات الأجنبية القائمة، لكن الخبراء يشددون على أن هذا الرقم لا يعكس كامل إمكانات مصر، بل يمثل خطوة أولية في مسار أطول يحتاج إلى مسح جيولوجي حديث ودراسات دقيقة.

ويعول خيري على المسح الجيولوجي المنتظر باعتباره العامل الحاسم في رسم خريطة تعدين حديثة، خاصة بعد التعديلات الأخيرة التي جعلت نظام التعدين المصري أكثر جذبًا للمستثمرين، مؤكدا أن هذه الخطوة ستفتح المجال أمام تحديد مناطق غنية بالذهب واستغلالها وفق دراسات دقيقة، بما يضاعف العوائد المستقبلية.

مقومات مصر التنافسية في سوق الذهب عالميا

لماذا تعتمد مصر على الشركات الأجنبية في التنقيب عن الذهب رغم ارتفاع قيمته؟

على عكس كثير من الدول الغنية بالذهب، تمتلك مصر مقومات داعمة تجعلها بيئة استثمارية جاذبة، أبرزها الاستقرار السياسي والأمني، إضافة إلى بنية تحتية قوية تتيح سهولة نقل المعدات والآليات إلى مواقع التنقيب، هذه المزايا تمنح مصر موقعًا متميزًا على خريطة التعدين العالمية، وتؤهلها للانطلاق بقوة في حال اكتمال المنظومة العلمية والتنظيمية.


التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *