ألقى الدكتور محمد فريد، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، كلمة رئيسية، بالمؤتمر المهني الدولي الثاني عشر لاتحاد المحاسبين والمراجعين العرب، الذي انعقد بالقاهرة تحت عنوان الاستدامة، والشفافية المالية، والتحول الرقمي، والتنمية الاقتصادية، موضحاً أن هذه الركائز أساسية لتحقيق التقدم، وتحدد معاً كيفية جذب الاقتصادات للاستثمار، وتحقيق المجتمعات لنمو شامل ومستدام.
ركائز النمو الاقتصادي الشامل
جاء ذلك بحضور المهندس محمد شيمي وزير قطاع الأعمال العام، والمستشار محمد الفيصل يوسف رجب، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، و الدكتور إسلام عزام، رئيس البورصة المصرية، والدكتور جواد غانم الشهيلي، رئيس اتحاد المحاسبين والمراجعين العرب، والأستاذ لي وايت، الرئيس التنفيذي للاتحاد الدولي للمحاسبين (IFAC) والأستاذ وليد بن صالح، رئيس الاتحاد الإفريقي للمحاسبين والسفير محمدي احمد الني، الأمين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية، وعدد من قيادات الهيئة ونخبة من الخبراء ورؤساء المنظمات الدولية والإقليمية والمحاسبين والمراجعين القانونيين.
أوضح الدكتور فريد، خلال كلمته أن الأسواق العالمية تشهد تحولاً متسارعاً في توجه رؤوس الأموال نحو الاستدامة، ومن المتوقع أن يرتفع هذا المعدل بشكل ملحوظ بحلول عام 2030، مع تزايد اندماج المخاطر المناخية والاجتماعية والحوكمة ضمن منظومة المخاطر المالية.
إطلاق أول سوق منظم طوعي للكربون
وفي مصر، تسير الأسواق على النهج ذاته بخطوات واضحة، حيث شهدت الفترة الماضية إصدار السندات الخضراء لأول مرة، إلى جانب إطلاق أول سوق منظم طوعي للكربون، ويعكس ذلك طموح الدولة في ترسيخ مكانة أسواقها كمراكز إقليمية للتمويل المستدام، بما يواكب التوجهات العالمية ويدعم جهود التنمية الاقتصادية المستدامة.
ذكر الدكتور فريد، أن مجال المحاسبة والمراجعة في مصر يواجه حاليا عدة تحديات من أهمها معايير المحاسبة والمراجعة المحدثة، حيث تحتاج إلى مجهود كبير لتفهمها كما تحتاج إلى التدريب المستمر على تطبيقها عملياً بشكل صحيح.
معايير المحاسبة المصرية
أكد رئيس هيئة الرقابة المالية، أن معايير المحاسبة المصرية باتت تعكس الممارسات والتطورات العالمية بنسبة كبيرة جداً، وهو ما يدعو للفخر، موضحاً أن التدريب المتطور والمستمر هو حجر الزاوية لمواجهة التحديات المختلفة الحالية في مجال المحاسبة والمراجعة ومن ثم سوف تعمل الجمعية من خلال مركز التدريب لديها وإمكاناته الممتازة على التعاون والتنسيق الوثيق مع الهيئة العامة للرقابة المالية في إعداد وتنفيذ البرامج والدورات التدريبية اللازمة التي تكفل تحقيق الأهداف المرجوة من التدريب والارتقاء بمهنة المحاسبة والمراجعة في مصر.
قال الدكتور فريد، إن الهيئة تسعى باستمرار لتطوير معايير المحاسبة في إطار استهداف التكامل مع كافة المعايير الدولية، مؤكداً أن ما تم من جهد لتطوير أحكام معايير المحاسبة المصرية يأتي في ضوء استهداف مواكبة أفضل التطورات والممارسات العالمية، وتكاملاً مع جهود الإصلاح التي تتبناها وتنفذها الحكومة المصرية لتعزيز مستويات النمو والتنمية المستدامة.
أشار إلى أن الجهود الخاصة بالتطوير مستمرة إذ أن المشوار لا يزال طويلاً للتطوير والإصلاح في سبيل دعم الاقتصاد الوطني.
وشمل هذا التطوير معيار المحاسبة المصرية رقم 13 الخاص بآثار التغيرات في أسعار صرف العملات الأجنبية، وذلك ليتوافق مع المعايير الدولية، حيث أصدر مجلس الوزراء معايير المحاسبة الدولية (IASB) في 15 أغسطس 2023 تعديلات على معيار المحاسبة الدولي (21) “آثار التغيرات في أسعار صرف العملات الأجنبية” والتي تتطلب من المنشآت تقديم معلومات أكثر فائدة في بياناتها المالية سعر الصرف التي تتعامل به تجارياً، وتطلبت تعديلات المعيار الدولي قيام المنشآت بتقدير أسعار تبادل العملات الأجنبية وكذلك متطلبات الإفصاح المتعلقة بذلك.
أوضح أن تدريب وتأهيل الكوادر سيخلق أجيالاً جديدة، مما يؤدي لضمان استدامة أثر الإصلاحات الحالية. أضاف رئيس الهيئة أن تطوير معايير المحاسبة شمل إدخال نموذج إعادة التقييم على الأصول الثابتة والأصول غير الملموسة ونموذج القيمة العادلة على الاستثمار العقاري بما يعكس القيمة العادلة لأصول الشركات في قوائمها المالية، وتعديل معايير المحاسبة المصرية لمعالجة آثار التغير في سعر الصرف عبر إعادة تبويب الآثار الناتجة عن فروق سعر الصرف، وكذلك تيسير قواعد قيد مراقبي الحسابات بسجلات الهيئة، بما يسمح بضم كفاءات وكوادر مؤهلة وإلزام المكاتب بالتطوير المهني للمحاسبين.
ذكر الدكتور فريد، أن معايير المحاسبة المصرية تساعد الشركات على التعبير عن المركز المالي ونتائج الأعمال بشكل سليم، بما يدعم صحة موقفها في اتخاذ قرارات تمويلية واستثمارية سليمة، مشيراً إلى أن الفترة الماضية شهدت تطوير شامل لأحكام معايير المحاسبة المصرية بداية من تقييم الأصول بالقيمة العادلة بدلاً من الدفترية والاستثمار العقاري وحقوق الملكية.
وكان رئيس مجلس الوزراء، أصدر قراراً يقضي بإضافة تفسير محاسبي وذلك لأول مرة في تاريخ مصر والمنطقة، والذي ينظم المعالجة المحاسبية لشهادات خفض الانبعاثات الكربونية، والذي حدد نطاق المعالجة المحاسبية والإجراءات التي يجب على الإدارة اتخاذها عند تحديد المعالجة المحاسبية المناسبة، والتي تتضمن فهم سليم لدورة إصدار شهادات الكربون وطبيعة الترتيب والغرض التجاري من إصدار أو شراء الشهادة وكذلك تحديد تصنيف الشهادة المحتفظ بها كأصل مالي أو كأصل غير ملموس وفقاً للترتيب والغرض التجاري. كما نظم التفسير المحاسبي الجديد، محددات المعالجة المحاسبية وفق حالات مختلفة، حالة إصدار الشهادة لصالح مطور مشروع الخفض المالك له، أو إصدارها لصالح مطور أو ممول المشروع ولكنه ليس المالك، أو حالة شراء شهادة الكربون بهدف استخدامها لتحقيق التبادل الكربوني وذلك عبر إلغائها، والحالة الأخيرة في حالة شراء شهادة الخفض بهدف المتاجرة فيها.
أوضح رئيس هيئة الرقابة المالية، أن ما تم حتى الآن، ما هو إلا أساس يمكن البناء عليه، والهدف الرئيسي دعم جهود الحكومة والدولة المصرية لتحقيق رفعة وتقدم مصرنا الغالية بما يعم بالنفع والرخاء على المصريين.
وفي ختام كلمته، أعرب رئيس هيئة الرقابة المالية، عن شكره لاتحاد المحاسبين والمراجعين العرب على تنظيم المؤتمر، مؤكداً استعداد الهيئة للتعاون الكامل مع جميع الشركاء، خاصة وأن الاستدامة والشفافية المالية والتحول الرقمي ليست مسارات متوازية، بل هي رحلة واحدة نحو تحقيق نمو اقتصادي مستدام، وعندما ندمج هذه العناصر بفاعلية، فإننا نبني أسواقا موثوق بها، واقتصادات أكثر تنافسية، ومجتمعات قادرة على الصمود، وهذا هو المستقبل الذي نلتزم ببنائه معاً بالثقة والتعاون المشترك وتعزيز الابتكار.
التعليقات