التخطي إلى المحتوى

يشكل مشروع استصلاح وتنمية المليون ونصف فدان واحدا من أبرز المشروعات الاستراتيجية التي تتبناها الدولة لبناء مستقبل تنموي مستدام، فهذا المشروع لا ينظر إليه بوصفه توسعا زراعيا فحسب، بل باعتباره خطوة متكاملة لتأسيس مجتمعات عمرانية جديدة، تعتمد على الزراعة كقاطرة أساسية للتنمية، وتفتح المجال أمام فرص استثمارية ضخمة في الزراعة والصناعة والخدمات، بما يرسخ الأمن الغذائي ويعزز من قوة الاقتصاد الوطني.

المشروع يمثل تحولا نوعيا في إدارة الموارد، إذ يرتبط بالبنية التحتية، والتحول الرقمي، وتوسيع الشراكات الاستثمارية، وهو ما يجعله ليس مجرد خطة زراعية، وإنما رؤية استراتيجية لإعادة توزيع الكثافة السكانية، وخلق مجتمعات متكاملة قادرة على استيعاب أجيال جديدة من المزارعين والمستثمرين.

بنية تحتية متكاملة لنهضة زراعية

قبل أن تبدأ عجلة الزراعة، كان لابد من تأسيس قاعدة قوية من البنية التحتية تضمن استدامة المشروع، ففي مختلف المناطق التابعة له، جرى تنفيذ شبكات طرق حديثة، ومد خطوط كهرباء، وإنشاء محطات تحلية مياه، وحفر آبار عميقة، مع توفير شبكات ري متطورة. 

هذه المقومات الهائلة لم تكن مجرد تجهيزات خدمية، بل وضعت أساسا مينا يتيح استمرارية التوسع الزراعي وتحقيق أعلى كفاءة في استغلال الموارد المائية والأرضية.

مشروع المليون ونصف المليون فدان

انتشار جغرافي يربط الدلتا بالصعيد والصحراء

يمتد المشروع على مساحات واسعة تغطي مناطق متنوعة من الجمهورية، بما يضمن توزيعا متوازنا للأنشطة الزراعية، وتشمل هذه المناطق: المغرة، شرق سيوة، غرب غرب المنيا، امتداد غرب المنيا، الطور، الفرافرة القديمة والجديدة، جنوب صافولا، إلى جانب مناطق توشكي السطحي والجوفي، وكذلك غرب منفلوط والقوصية، ودرب البهنساوي.

هذا الانتشار الجغرافي يحقق هدفا مزدوجًا، الأول تنمية الصحراء واستغلالها زراعيا، والثاني دعم المجتمعات الريفية والصعيدية بإقامة مشروعات زراعية وصناعية تسهم في رفع مستوى المعيشة وتوفير فرص عمل محلية.

أرقام تكشف حجم التوسع الزراعي

لم يعد المشروع مجرد خطط على الورق، بل تحول إلى واقع ملموس بأرقام ضخمة تعكس حجم الإنجاز، وتأتي هذه الأرقام على النحو التالي:

  • المساحات المستصلحة والمزروعة نحو 440 ألف فدان.
  • المساحات المسلمة للمنتفعين ما يقارب 875 ألف فدان.
  • طلبات الشراء والتقنين الجاري استكمالها نحو 192 ألف فدان.
  • عدد الشركات العاملة في المشروع: تجاوز 4500 شركة.

هذه المؤشرات تعكس حجم الإقبال الاستثماري، وتؤكد أن المشروع أصبح بيئة جاذبة للمستثمرين المحليين والأجانب، بما يعزز مكانة مصر في خريطة الاستثمار الزراعي بالمنطقة.

مشروع المليون ونصف المليون فدان

إنجازات مشروع المليون ونصف فدان

شهد المشروع سلسلة من الإنجازات الملموسة التي أسهمت في دفعه خطوات واسعة للأمام، فقد جرى تسجيل ملكية أراضيه بالشهر العقاري لصالح الشركة المشرفة، مع الانتهاء من إجراءات تسويق المناطق الصناعية في كافة المواقع، كما توسعت الرقعة الزراعية خلال عام 2024 وحده بنحو 130 ألف فدان إضافية، وهو رقم يعكس سرعة الإنجاز واتساع رقعة الإنتاج.

وفي سياق متصل، أطلقت منافذ لبيع المنتجات الزراعية والغذائية داخل مواقع المشروع وفي القاهرة الكبرى، لتوفير منتجات بجودة وأسعار تنافسية، كما جرى توقيع بروتوكولات تعاون لدعم الأنشطة الزراعية والإنتاجية، مما يعزز التكامل بين القطاعين العام والخاص.

التحول رقمي بمشروع المليون ونصف فدان 

أحد أبرز أبعاد المشروع هو الاهتمام بالخدمات المرافقة والتنمية البشرية، فقد تم تسليم مدرسة للتعليم الأساسي في منطقة المُغرة، بما يخدم أبناء العاملين والأسر المقيمة، وهو ما يعكس توجها لبناء مجتمعات متكاملة لا تقتصر على النشاط الزراعي فقط.

كما جرى إصدار أكثر من 3200 “كارت فلاح” بنهاية 2024، لتيسير الحصول على الدعم الزراعي وتنظيم الخدمات المقدمة للفلاحين، إلى جانب إطلاق خدمات إلكترونية تتيح التسجيل وتقديم الطلبات عن بعد، في خطوة مهمة نحو التحول الرقمي الزراعي.

مشروع المليون ونصف المليون فدان

تصدير منتجات زراعية ذات جودة عالية

يتجاوز مشروع المليون ونصف المليون فدان كونه مجرد مشروع زراعي إلى كونه استثمارا استراتيجيا طويل المدى، فهو يخلق مجتمعات جديدة قائمة على الإنتاج، ويوفر فرصا لتصدير منتجات زراعية ذات جودة عالية، ويعزز قدرة مصر على جذب استثمارات أجنبية تضيف موارد من العملة الصعبة.

كما يسهم مشروع المليون ونصف فدان في إعادة رسم الخريطة العمرانية للساحل والصعيد والصحراء الغربية، بما يضمن توزيعها أفضل للسكان والموارد، ويدعم جهود تحقيق الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي. 

ومما لا شك فيه، أن مشروع المليون ونصف المليون فدان ليس مجرد توسع زراعي، بل رؤية شاملة لإعادة صياغة معادلة التنمية في مصر، من خلال الزراعة المستدامة، زالبنية التحتية الحديثة، والاستثمار المحلي والأجنبي، والخدمات الاجتماعية المتكاملة، وهو بذلك يمثل خطوة استراتيجية لبناء مستقبل أكثر قوة واستقرارا للأجيال القادمة.


التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *