التخطي إلى المحتوى

حذر جيمي ديمون، رئيس مجلس إدارة بنك الاستثمار العالمي “جيه بي مورغان تشيس”، من أن الأسواق العالمية في الوقت الراهن تشهد مؤشرات واضحة على دخولها في مرحلة “فقاعات سعرية”، سواء في أسعار المعادن أو السلع أو العملات المشفرة، مؤكدًا أن مستويات الأسعار الحالية باتت بعيدة عن الأساسيات الاقتصادية، ما يثير المخاوف بشأن استدامة هذا الارتفاع.

وقال ديمون، في تصريحات لوسائل إعلام مالية أمريكية، إن الأسواق “تتحرك مدفوعة بالسيولة المفرطة والتدفقات الاستثمارية قصيرة الأجل”، في وقت يشهد فيه العالم تباينًا في معدلات النمو الاقتصادي وغياب استقرار التضخم في عدد من الاقتصادات الكبرى. وأضاف: “نحن نرى فقاعة حقيقية تتشكل في بعض الأصول، والمستثمرون يجب أن يكونوا أكثر حذرًا في المرحلة المقبلة”.

وأشار رئيس “جيه بي مورغان” إلى أن أسعار المعادن، وعلى رأسها الذهب والنحاس، ارتفعت لمستويات قياسية مدفوعة بزيادة الطلب الاستثماري، وليس بالضرورة بعوامل العرض والطلب الفعلية. وأوضح أن الذهب أصبح في الآونة الأخيرة “أصلًا ملاذًا” للمستثمرين الباحثين عن الحماية من تقلبات الأسواق والسياسات النقدية، بينما يظل الطلب الصناعي على النحاس والفضة غير قادر على تبرير الارتفاعات المتسارعة للأسعار.

وفيما يتعلق بالسلع، أوضح ديمون أن بعض المنتجات الأساسية مثل النفط والحبوب شهدت تقلبات كبيرة، نتيجة اختلالات في سلاسل الإمداد من جهة، والضبابية الجيوسياسية من جهة أخرى، إلا أن جزءًا كبيرًا من الارتفاع الحالي يعكس دخول المستثمرين الماليين على الخط، وهو ما يفاقم من الطابع “الفقاعي” لهذه الارتفاعات.

أما العملات المشفرة، فقد وصفها ديمون بأنها “الأكثر خطورة” بين فئات الأصول الحالية، لافتًا إلى أن صعود أسعار عملات مثل البيتكوين والإيثيريوم “لا يستند إلى قيمة اقتصادية حقيقية أو أصول مادية”، بل تحركه المضاربات وتدفقات المستثمرين الباحثين عن مكاسب سريعة. وقال: “هذا السلوك يزيد احتمالية حدوث تصحيح حاد في أي لحظة، ما قد يكبد المستثمرين خسائر فادحة”.

ورغم هذه التحذيرات، أكد ديمون أن النظام المالي العالمي ما زال يتمتع بمرونة نسبية في مواجهة الصدمات، بفضل الإجراءات التنظيمية المشددة التي تم اتخاذها منذ الأزمة المالية العالمية عام 2008. لكنه شدد على أن المخاطر تكمن في “السلوك الاستثماري المفرط” لبعض الصناديق والمستثمرين الأفراد الذين يضخون أموالًا كبيرة في أصول عالية المخاطر دون دراسة كافية.

وأضاف رئيس “جيه بي مورغان” أن البنوك المركزية، وعلى رأسها الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، ستواجه معضلة كبيرة خلال الفترة المقبلة بين دعم النمو الاقتصادي والسيطرة على التضخم، مشيرًا إلى أن استمرار السياسات النقدية التيسيرية يساهم في تغذية هذه الفقاعات السعرية.

واختتم ديمون تصريحاته بالتأكيد على أن المرحلة المقبلة تتطلب من المستثمرين تنويع محافظهم الاستثمارية، والتحلي بقدر أكبر من الانضباط في اتخاذ القرارات المالية، مشيرًا إلى أن الأسواق العالمية “قد تواجه تصحيحًا واسع النطاق” إذا ما استمرت الأسعار في الانفصال عن الأساسيات الاقتصادية.


التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *